بعدما كثر الحديث عن مضارها المتشعبة ودورها في عقم النساء
أعلنت في الخامس من هذا الشهر مؤسسة علوم وتقنية الأغذية البريطانية عن تحديثها للنشرات الخاصة بالدهون المتحولة، باعتبارها كما تقول المؤسسة حرفياً، أحد أشد المواضيع سخونة في عالم صناعة الغذاء حالياً. كما أعلنت في السادس من هذا الشهر العديد من الهيئات في ولاية متشغن مطالبتها بوضع خطط عملية لتخليص الولاية من الدهون المتحولة، أسوة بما نجحت ولاية نيويورك في البدء به قبل أكثر من سنة.
هذا ولا تزال الدراسات الطبية تصدر الواحدة تلو الأخرى محذرة من خطر تناول الدهون المتحولة على صحة الكبار والصغار من الجنسين، ولعل من أحدثها ما أعلنه الباحثون من جامعة هارفارد الشهر الماضي من أن تناول الدهون المتحولة يرفع من احتمالات العقم لدى النساء. وهو ما يُضاف إلى جملة من الدراسات التي تحدثت عن دورها في الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ وأجزاء الجسم الأخرى، وتأثيراتها على القدرات العقلية والجنسية لدى الذكور والإناث، وغيرها.
وكانت هيئات الطبية العالمية كمنظمة الصحة العالمية والرابطة الأميركية للقلب وإدارة الغذاء والدواء الأميركية والرابطة الأوروبية للقلب وقائمة طويلة جداً من تلك الهيئات قد اتفقت في تحذيراتها من الآثار الصحية المدمرة لتناول الدهون المتحولة.
وكانت الدهون المتحولة موجودة في العالم والمنتجات الغذائية الطبيعية بنسبة ضئيلة جداً، لكن مع ظهور ما يُسمى بهدرجة الزيوت النباتية وانتشار استخدام زيوت القلي أو الدهون المُصنعة المستخدمة في صنع الحلويات، بات الناس في العالم أجمع يستهلكون تلك الدهون المتحولة بشكل جعل من الصعب على الهيئات الطبية والمستشفيات والأطباء السيطرة على الانتشار السريع لحالات أمراض الشرايين القلبية والدماغية والطرفية في أنحاء واسعة من العالم. وهو ما رفع معدلات الوفيات منها. هذا بالإضافة إلى ما يعزوه الكثيرون من دورها في انتشار الإصابات بالسرطان والعقم والضعف الجنسي وغير ذلك.
وتسير الجهود الطبية العالمية نحو نشر الوعي بمضارها والمنتجات الغذائية المحتوية عليها، وهو ما دفع مُدناً مختلفة في العالم نحو التوجه إلى منع تناولها أو تقديمها. لكن تظل الخطوة الأهم هي قطع مصادرها في طرق إنتاج الزيوت المهدرجة الصناعية.
* عقم النساء يقول الباحثون من جامعة هارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوسس الأميركية إن على النسوة اللائي يرغبن في تحقيق الحمل أن يتجنبن تناول الأطعمة السريعة في الإعداد والتناول كالبطاطا المقلية بالزيوت المهدرجة الصناعية.
وقال الدكتور جورج شافارو، الباحث الرئيس في الدراسة، إنه كلما زادت كمية الدهون المتحولة التي تتناولها المرأة زادت احتمالات إصابتها بالعقم.
وتُعد هذه الدراسة واحدة من أقوى الدراسات المُحذرة من مضار تناول الدهون المتحولة في مضمار غير الشرايين أو الأورام. وقال الدكتور شافارو إن الدهون المتحولة متوفرة في الأطعمة المقلية والوجبات المخبوزة وغيرها من المنتجات الغذائية. ومن المعلوم أنها ترفع خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب ومرض السكري. وأضاف إن من الأفضل أن يتجنبها الإنسان.
ووفق ما ذكره الباحثون في عدد يناير من المجلة الأميركية للتغذية فإن مركبات الدهون المتحولة تتدخل لتحدث الخلل في نشاط خلايا مناعة الجسم وتعامل خلايا الجسم مع السكريات ودرجة تفاعل الخلايا مع هرمون الأنسولين.
وفي سبيل محاولة الباحثين فهم الآلية التي بها تُعيق الدهون المتحولة قدرات المرأة على بلوغ الحمل، قام الباحثون بتحليل معلومات حوالي 20 ألف امرأة من المشاركات في دراسة واسعة تُدعى صحة الممرضات، ممن كن متزوجات وحاولن بلوغ الحمل فيما بين عام 1991 وعام 1999. وتبين للباحثين نتائج أثارت دهشتهم، وهي أنه كلما ارتفعت كمية الطاقة بمقدار 2% من تناول الدهون المتحولة بدلاً من النشويات، ارتفعت خطورة العقم لدى المرأة بنسبة تقارب 73%! ومع كل ارتفاع في تناول طاقة الطعام من الدهون المتحولة بنسبة 2% بدلاً من الحصول عليها من الدهون الأحادية غير المشبعة، مثل زيت الزيتون، تتضاعف احتمالات إصابة المرأة بالعقم! وبتعبير أقرب للإدراك فإن المرأة التي تتناول طاقة غذائية عادية جداً بمقدار 1800 كالوري (سعر حراري) يومياً، فإن 2% تعادل تناول 4 غرامات فقط من الدهون المتحولة. وهي كمية كما يقول الدكتور شافارو، ليس من الصعب الحصول عليها دون شعور بذلك من المرأة، لكنها تترك أثراً بالغاً على قدرات الإنجاب لديها.