الصفحة الاولى >
الخلافة و الامامة
العقيدة فى الامامة عند الشيعة و اهل السنة
فالإمامة عند الشيعة،هي أصل من أصول الدين لما لها من الأهمية الكبرى و الخطورة العظمى و هي قيادة خير أمة أخرجت للناس و ما تقوم عليه القيادة من فضائل عديدة و خصائص فريدة أذكر منها،العلم و الشجاعة و الحلم و النزاهة و العفة و الزهد و التقوى و الصلاح الخ .
فالشيعة يعتقدون بأن الإمامة منصب إلهي يعهد به الله سبحانه إلى من يصطفيه من عباده الصالحين ليقوم بذلك الدور الخطير ألا و هو قيادة العالم بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم.
و على هذا كان الإمام علي بن أبي طالب إماما للمسلمين باختيار الله له، و قد أوحى لرسوله لكي ينصبه علما للناس،و قد نصبه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و دل الأمة عليه بعد حجة الوداع في غدير خم،فبايعوه«هذا ما يقوله الشيعة».
أما أهل السنة و الجماعة فيقولون أيضا بوجوب الإمامة لقيادة الأمة،و لكنهم يجعلون للأمة حق اختيار إمامها و قائدها،فكان أبو بكر بن أبي قحافة إماما للمسلمين باختيار المسلمين أنفسهم له بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الذي سكت عن أمر الخلافة و لم يبين للأمة شيئا منها و ترك الأمر شورى بين الناس.
أين الحقيقة
إذا تأمل الباحث في أقوال الطرفين و تمعن في حجج الفريقين بدون تعصب فسوف يقترب من الحقيقة بدون شك.و ها أنا سوف أستعرض و إياكم الحقيقة التي وصلت إليها على النحو التالي:
الإمامة في القرآن الكريم:
قال الله تعالى:و إذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما،قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (1) .
في هذه الآية الكريمة يبين الله لنا بأن الإمامة منصب إلهي يعطيه الله لمن يشاء من عباده لقوله:جاعلك للناس إماما كما توضح الآية بأن الإمامة هي عهد من الله لا ينال إلا العباد الصالحين الذين اصطفاهم الله لهذا الغرض لانتفائه عن الظالمين الذين لا يستحقون عهده سبحانه و تعالى.
و قال تعالى:و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين (2) . و قال سبحانه و تعالى:و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون (3) .
و قال أيضا:و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين (4) .
و قد يتوهم البعض بأن مدلول الآيات المذكورة يفهم منها بأن الإمامة المقصودة هنا هي النبوة و الرسالة و هو خطأ في المفهوم العام للإمامة،لأن كل رسول هو نبي و إمام و ليس كل إمام رسول أو نبي!
و لهذا الغرض أوضح الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز بأن عباده الصالحين يمكن لهم أن يسألوه هذا المنصب الشريف ليتشرفوا بهداية الناس و ينالوا بذلك الأجر العظيم قال تعالى:و الذين لا يشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا كراما و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما و عميانا،و الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماما (5) .
كما أن القرآن الكريم إستعمل لفظ الإمامة للتدليل على القادة و الحكام الظالمين الذين يضلون أتباعهم و شعوبهم و يقودنهم إلى الفساد و العذاب في الدنيا و الآخرة،فقد جاء في ذكر الحكيم،حكاية عن فرعون و جنوده،قوله تعالى:فأخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين،و جعلناهم أئمة يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون،و أتبعناهم في هذه الدنيا لعنة و يوم القيامة هم من المقبوحين (6) .
و على هذا الأساس فقول الشيعة هو الأقرب لما أقره القرآن الكريم لأن الله سبحانه و تعالى أوضح بما لا يدع مجالا للشك بأن الإمامة منصب إلهي يجعله الله حيث يشاء و هو عهد الله الذي نفاه عن الظالمين و بما أن غير علي من صحابة النبي قد أشركوا فترة ما قبل الإسلام فإنهم بذلك يصبحون من الظالمين،فلا يستحقون عهد الله لهم بالإمامة و الخلافة،و يبقى قول الشيعة بأن الإمام علي بن أبي طالب إستحق وحده دون سائر الصحابة عهد الله بالإمامة لأنه لم يعبد إلا الله و كرم الله وجهه دون الصحابة لأنه لم يسجد لصنم،و إذا قيل بأن الإسلام يجب ما قبله،قلنا نعم و لكن يبقى الفرق كبيرا بين من كان مشركا و تاب،و من كان نقيا خالصا لم يعرف إلا الله.
الإمامة في السنة النبوية:
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الإمامة أقوالا متعددة رواها كل من الشيعة و السنة في كتبهم و مسانيدهم فمرة تحدث عنها بلفظ الإمامة و مرة بلفظ الخلافة و أخرى بلفظ الولاية أو الإمارة.
جاء في الإمامة قوله صلى الله عليه و آله و سلم:
«خيار أئمتكم الذين تحبونهم و يحبونكم و تصلون عليهم و يصلون عليكم و شرار أئمتكم الذين تبغضونهم و يبغضونكم و تلعنونهم و يلعنونكم».
قالوا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال«لا ما أقاموا فيكم الصلاة» (7) .
و قال صلى الله عليه و آله و سلم:
«يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي و لا يستنون بسنتي و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» (
. و جاء في الخلافة قوله صلى الله عليه و آله و سلم:
«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش» (9) .
و عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:«لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي،ما قال؟فقال كلهم من قريش» (10) .
و جاء في الإمارة قوله صلى الله عليه و آله و سلم:
«ستكون أمراء فتعرفون و تنكرون فمن عرف بريء و من أنكر سلم و لكن من رضي و تابع قالوا :أفلا نقاتلهم قال:لا ما صلوا» (11) .
و قال صلى الله عليه و آله و سلم في لفظ الإمارة أيضا:
«يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش» (12) .
و جاء عنه صلى الله عليه و آله و سلم محذرا أصحابه:
«ستحرصون على الإمارة و ستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة و بئست الفاطمة» (13) .
و جاء الحديث أيضا بلفظ الولاية.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:
«ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت و هو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة» (14) .
كما حدث صلى الله عليه و آله و سلم بلفظ الولاية:
«لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم إثنا عشر رجلا كلهم من قريش» (15) .
تعليقات:
1)سورة البقرة آية .124
2)سورة الأنبياء آية .73
3)سورة السجدة آية .24
4)سورة القصص آية .5
5)سورة الفرقان آية 71ـ .74
6)سورة القصص آية 41ـ .42
7)صحيح مسلم ج 6 ص 24 باب خيار الأئمة و شرارهم.
صحيح مسلم ج 6 ص 20 باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن.
9)صحيح مسلم ج 6 ص 4 باب الناس تبع لقريش و الخلافة في قريش.
10)صحيح مسلم ج 6 ص 3 و صحيح البخاري ج 8 ص 105 و ص .128
11)صحيح مسلم ج 6 ص 23 باب وجوب الإنكار على الأمراء.
12)صحيح البخاري ج 8 ص 127 باب الإستخلاف.
13)صحيح البخاري ج 8 ص 106 باب ما يكره من الحرص على الإمارة.
14)صحيح البخاري ج 8 ص 106 باب ما يكره من الحرص على الامارة.
15)صحيح مسلم ج 6 ص 3 باب الخلافة في قريش.
مع الصادقين ص 35
الدكتور محمد التيجانى السماوى