اللهم صل على محمد وعلى آل محمد و عجّل فرجهم
ايام و أبواب رمضان تفتح علينا بخيرته وبركاته
قرات في السراج و طرحته لكم
ان من افضل ما يروي لنا عظمة هذا الشهر الكريم : هو ما رواه على (ع) عن النبي (ص) اذ خطب المسلمين ذات يوم ، فابتداها (ص) بذكر اقبال الشهر على الصائمين ، ومن المعلوم ان الاقبال متفرع على اشتياق المقبل لمن اقبل عليه ، فكان الشهر المبارك هو الذى يشتاق الى صائميه !.. فيقبل عليهم بالجوائز الكريمة ، ومنها : المغفرة فى اوله .. فطوبى لمن ضمن الرضوان فى آخره !.
ان الانتساب الى العظيم بالذات ، يوجب العظمة بالعرض .. فهذه الانفاس التى لا قيمة لها فى باقى الايام ، تتحول الى تسبيح ( وانفاسكم فيه تسبيح )! .. والنوم الذى اخو الموت ، يتحول الى الى عبادة ( ونومكم فيه عبادة )!.. وخلوف فم الصائم ذو الرائحة الكريهة ، يتحول الى ما هو اطيب من المسك! .. كل ذلك من بركات الضيافة الالهية فى هذا الشهر،فطوبى لمن تعرض لها بشرطها وشروطها !.
ان النبي (ص) يدعونا لان نسال الله تعالى التوفيق لـ : ( صيام هذا الشهر، وتلاوة كتابه ).. وهذا يشعرمعنى دقيقا ، وهو ان الصيام المقبول ، والقراءة المؤثرة ، لا يتم الا بتسديد ومباركة من المولى الكريم .. اذ كم من صائم ليس من صيامه الا الظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه الا العناء!! .. ثم يذكر المصطفى (ص) امرا مخيفا حيث يقول : ( فان الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر العظيم )..اوهل يمكن ان نكون من الاشقياء فى هذه السنة ؟!.
ان للصوم لغة الرمزية الواضحة ، فالنبى (ص) يريد منا ان ننتقل من ظاهر الصوم الى باطنه.. ومنه تذكر المعانى التى ترتبط بالصيام ، ومنها : اهوال القيامة من جوعها وعطشها .. وهذا بدوره يدعو الصائم الى ان يعد العدة ليتجنب مثل تلك الاهوال ، وذلك يالعمل الدائبلما يخفف عنه الحساب فى ذلك اليوم العصيب!.
ان النبي (ص) يذكر بالمحطة العبادية الكبرى فى الحياة ( وهى الصلاة ) حتى فى شهر رمضان .. فان العبد يزداد سموا وتحليقا فى صلاته ، عند المناسبات الزمانية والمكانية المتميزة .. فمن اهم ثمار الازمنه والامكنه المباركة : هي الصلاة الخاشعة التى كانت تمثل قرة عين الرسول (ص) حيث يقول عنها فى هذه الخطبة : ( وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء فى اوقات صلواتكم ، فانها افضل الساعات ، ينظر الله عزوجل فيها بالرحمة الى عباده : يجيبهم اذا ناجوه ، ويلبيهم اذا نادوه ، ويستجيب لهم اذا دعوه ).
ان الشريعة الخاتمة تربط دائما بين البعد الفردى للعبادة وبين البعد الاجتماعى لها ، فلا يريد منا ان نعيش حالة الرهبانية والصومعه ، بل يريد منا ان نعيش حالة العبودية الجامعه ،ومنها الاهتمام بامور المسلمين ، سواء فى طعامهم المعنوى ( ارشادا وهداية ) او طعامهم المادى ( افطارا للصائمين ) .. ومن الغريب هذا الجزاء العظيم الذى يذكره المصطفى (ص) فى هذا الشهر حيث يقول : ( من فطر منكم صائما فى هذا الشهر، كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه ).
ان من الضرورى ان نرفع فى هذه السنه شعار: ( خير رمضان مر علينا ) .. فمن يروم القمم العالية ، عليه بالنية الجازمة والمحددة للوصول الى تلك القمم ! .. ولنعلم ان هناك فرقا واضحا - عند اهله- بين صوم العوام ( وهو الكف عن الطعام والشراب ) وصوم الخواص ( وهو الكف عن المحارم كلها ) وصوم خواص الخواص ( وهو الاعراض عما سوى الله تعالى ) .. فلنتامل هذه الدرجات الشاسعة ، لنرى ما هو الجديد فى صيام هذا العام ..فان المغبون من تساوت رمضانيتاه !!.
كان المصطفى (ص) يستغل كل مناسبة للتذكير بخط الولاية ، بدء من اول الدعوة فى حديث الدار المعروف ، الى حادثة غدير خم فى اخريات حياته المباركة .. فنراه فى آخر هذه الخطبة يبكى بما يثير سؤال على (ع) عن سبب ذلك ، فيقول : ( ابكى لما يستحل منك فى هذا الشهر!.. كأنى بك وانت تصلى لربك ، وقد انبعث اشقى الاولين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فضربك ضربة على قرنك، فخضب منها لحيتك ) .. والملفت بعد ذلك سؤال على (ع) عن ذلك : وذلك فى سلامة من ديني ؟!.. فيجيب النبى (ص) بالايجاب ، فيقر لها عين ابى الحسن (ع) ..فلننظر الى قمة الرسالية والعبودية لرب العالمين ، فى حياة خاتم الانبياء من جهة ، وخاتم الاوصياء من جهة اخرى .. اللهم اجعلنا ممن يتولاهم ، ويستن بسنتهم ، لتشمله شفاعتهم .
نسألكم الدعاء