الارهاب الطبي في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
كثيرا مانسمع في جميع وسائل الاعلام سواء اكانت المرئية منها او المسموعة او المقروءة عن مصطلح الارهاب - والذي يطلق على كل عمل يلحق ضررا بالحياة الانسانية بكل اشكالها – مع ان اكثر البعض غافل عن هذا المعنى او متناسيه بحيث وجهه فقط الى التنظيمات المسلحة كعصابات القتل والسلب والقاعدة على سبيل المثال في حين انه يحمل معنى اوسع واشمل من ذلك كله تماما . فالعراق اليوم يعيش الارهاب في جميع الاتجاهات ويشتد ويقوى في المجالات الاكثر احتكاكا او تماسا مع المواطن العراقي المظلوم من مئات السنين ان لم نقل من الافها . واكثر المجالات تماسا مع الانسان هو المجال الطبي فهو المنقذ لحياة الانسان بعد الله سبحانه وتعالى . وخلال تجربتنا وعن دراية لا عن رواية نعلم جيدا بان الطب هو مهنة انسانية بحتة ومبنية على اسس انسانية بحيث يتعهد المختص به ويؤدي اليمين على الالتزام بها عند دراسته وتخرجه وتحمله هذه المسؤولية . ولكن نجد العكس تماما على ارض الواقع مما حول هذه المهنة الطاهرة الشريفة الى مهنة الغرض منها الصعود على اكتاف الفقراء والمساكين . ويمكن لنا تلخيص ذلك بالشواهد التالية :-
1- نرى اغلب الاطباء عند بداية تخرجه وتعيينه في احد المؤسسات الصحية يعمل بمهنية عالية ويؤدي عمله بنزاهة وباحسن وجه بحيث يكسب شعبية واسعة من الناس ولكن مع شديد الاسف بمجرد ان يفتح له عيادة خاصة ويكون مشهورا يتغير عمله داخل المؤسسة الصحية الحكومية ولم يعد كما كان سابقا ولايبالي بالناس حتى ان سلوكه الاخلاقي يتغير معهم .
2- اغلب الاطباء مع شديد الاسف يعقد صفقات تجارية مع بعض الصيدليات بحيث ان الصيدلاني يقوم بدفع بدل ايجار عيادة الطبيب الخاصة على ان يقوم الطبيب في مقابل ذلك بارسال المريض الى صيدليته والعلاج يكون منها حصرا . فيكون الضحية في مثل هذه الحالة المريض لانه يدفع الوصفة الطبية اضعافا مضاعفة . وهذه متاجرة صريحة بارواح الناس وسلب لهم بطريقة شيطانية والعياذ بالله .
3- اغلب الادوية الضرورية والمهمة هي موجودة في الاسواق التجارية وبكثرة بينما نجد المؤسسات الصحية الحكومية جميعا تفتقر الى هذه الادوية ولايوجد منها الا القليل الذي يمكن ان نسميه علاج مؤقت كاسعافات اولية ليس الا وهو ايضا لايخلو من رداءة في جودته ونوعيته . وانا اتساءل هنا : هل التاجر يمتلك ميزانية اكثر من ميزانية الدولة فيوفر الدواء التجاري في الاسواق والدولة لاتمتلك الميزانية الكافية لتوفيره في مؤسساتها الصحية الحكومية ام هو قصور متعمد من الجهات المختصة ام هو تجارة بين الطبيب والتاجر ام ماذا ؟ - وطبعا مهما كان الجواب فلا اعتبره مقنعا باي حال من الاحوال .
4- المتتبع لاداء عمل المؤسسات الحكومية الصحية في العراق يرى فيها مع شديد الاسف تمايزا واضحا وخصوصا بين الاطباء وباقي العاملين وخصوصا اطباء الاختصاص ومثاله :-
ا – في كل مؤسسة صحية حكومية يوجد سجل للحضور والانصراف خاص بتوقيع جميع الموظفين والموظف الذي لايوقع فيه يعتبر غائبا ذلك اليوم ويجرى له انقطاع عن الدوام بينما اكثر الاطباء لايوقعون بل في بعض المؤسسات لايوجد اسم للطبيب في سجل الحضور اطلاقا ولااحد يحاسبهم على ذلك .
ب – الادهى من ذلك كله ان اغلب الاطباء وخصوصا اطباء الاختصاص مع احترامي لجميع الاطباء – ياتي الى دائرته الصحية الساعة ( 9 ) التاسعة صباحا ويخرج منها الساعة ( 12 ) الثانية عشر ظهرا – بينما الكوادر الصحية الاخرى تكون ملزمة بالبقاء في عملها الى الساعة ( 2 ) الثانية ظهرا او اكثر من ذلك . فما هي فائدة وجود الكوادر الصحية مع عدم وجود الطبيب ؟ فلا احد يحاسبهم على ذلك .
5- نجد ان اغلب الاطباء لايمتلكون الاختصاص فهو اما طبيب تدرج او طبيب ممارس فيقوم بفتح عيادة خاصة له وهذا ممنوع قانونا فلا يحق لاي طبيب فتح عيادة خاصة الا ان يكون طبيبا اخصائيا وهذه مخالفة صريحة .
6- في الاونة الاخيرة بلغ الطمع والجشع بالاطباء ليس كلهم بل بعضهم – ( وانا هنا اثني واشكر واقدر جناب الاخ الدكتور اخصائي الباطنية والقلبية والصدرية الدكتور محمد سعيد عبد الزهرة وهو من اهالي النجف الاشرف وعيادته في النجف الاشرف ايضا- وكذلك جناب الدكتور عصام في الناصرية فهما مثال حقيقي للطبيب الانساني المهني المخلص - ) بزيادة سعر كارت المراجعة ( الباص ) بعشرة الاف دينار كحد ادنى وبعضهم اكثر من ذلك وهذا طبعا عبئ ثقيل على المريض فالمريض في مثل هذه الحالة يحتاج الى مبلغ كبير ليحصل على الشفاء .
وانا من هنا ومن المنطلق الشرعي والديني والاخلاقي والانساني اطالب الاخوة الخيرين من الاطباء ذوي العيادات الخاصة ان :-
1- يسعوا الى تاسيس جمعية طبية انسانية في عموم العراق في كل محافظة وفي كل قضاء وفي كل ناحية لدعم المرضى ومد يد العون والمساعدة لهم فان دعاء المريض مستجاب .
2- على كل طبيب يشارك في هذه الجمعية يكون كل حسب رقعته الجغرافية التي هو فيها .
3- يكون اشتراك الطبيب المشترك في هذه الجمعية هو ( ان يجعل في كل شهر وارد يوم من عيادته الخاصة ) هو تبرع منه للجمعية .
اسال الله تعالى الصلاح للجميع والتسديد والتوفيق لما يحب ويرضى
اخوكم
الشيخ
جواد الخفاجي