رحلة في رحاب الله جل جلاله – ح 3
إن ماتقدم في الحلقتين الأولى والثانية هو نوع من مقدمات المجاهدات النفسانية يحتاج العبد إلى ديمومة واستمرار مع وجود النية الخالصة لوجه الله تعالى فمادام العبد مشغولا بذكر الله تبارك وتعالى فان كل شر وسوء مصروف عنه – وهذا ليس كلاما سطحيا بل فيه الأدلة الواضحة من أئمة الهدى وأعلام التقى منها ماورد بان الحيوان مادام مشغولا بالتسبيح لله تبارك وتعالى فان الصياد لايستطيع اصطياده إلا عند الغفلة وكذلك الإنسان بطريق أولى الذي كرمه على جميع المخلوقات بما فيها الملائكة . فالنية أساس العمل نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله – وقد أشكل بعضهم على إمامنا الإمام المفدى جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في مسالة الخلود في الجنة والنار بان ذلك خلاف عدل الله سبحانه وتعالى لان المفروض أن الله يعطي الثواب والعقاب بقدر عمر العبد فالخلود خلاف العدل – فكان جواب الإمام عليه السلام بما مضمونه أن الذي يخلد في الجنة أن نيته كانت الاستمرار في الطاعة مهما بلغ من العمر وان الذي يخلد في النار لان نيته الاستمرار بالمعصية مهما بلغ من العمر . فاجعلوا نياتكم خالصة لوجه الله تبارك وتعالى قال المولى سبحانه في حديثه القدسي : (( لاتسعني ارضي ولا سمائي يسعني قلب عبدي المؤمن )) . واذا حصل للعبد هذه المرتبة يكون قريبا من ساحة القدس الالهي . ومن الطبيعي كل احد منا يريد ان مامدى قرب الله منه ومعرفة ذلك هي بمعرفة قربنا من المعاصي فان كنا قريبين من المعاصي فالله بعيد عنا وان كنا بعيدين عن المعاصي فالله قريب منا – اساله سبحانه لي ولكم القرب منه والارتواء من رحيقه – اسالكم الدعاء الى الحلقة الرابعة