[b]السيدة خولة بنت الامام ابي عبد الله الامام الحسين (علية السلام )
بقلم ـ مجاهد منعثر منشد الخفاجي
مقامها في منطقة بعلبك في لبنان وان سبب وجودها في المنطقة المذكورة وبعد استشهاد الإمام الحسين (ع) في كربلاء. وفي اليوم الحادي عشر سبيت أخوات وبنات ونساء الإمام الحسين (ع) برحلة شاقة من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام. ومن الطبيعي أن الرحلة إلى الشام ستمر في بلاد ومناطق كثيرة، فركب السبايا سار من حلب وحماه وحمص مروراً بمناطق لبنانية مختلفة ومتعددة، وصولاً إلى بعلبك ومرجة رأس العين، حيث يوجد مسجد رأس الإمام الحسين (ع)، وكما هو معروف أن القوافل في السابق ونظراً للسفر الطويل في الصحاري كانت تتبع مجاري الأنهار والينابيع مخافة العطش ولسقاية الحيوانات التي معهم، وكما هو معروف بأن المنطقة الممتدة من حلب حتى البقاع غنية بالخضرة وأشجار الفاكهة والأنهار والينابيع، وبالذات منطقة البقاع وبعلبك. فخط سير السبايا إذاً كان لا بدّ أن يمر في هذه المناطق. وكما تروي السير الحسينية* بأن القافلة حطت برأس العين، ثم بدير يعرف بدير العذارى القريب من قلعة بعلبك الشهيرة. من هنا نعلم لماذا دفنت السيدة خولة في بعلبك وتحديداً بالقرب من قلعة بعلبك الشهيرة.
، والتي يقال أنها طفلة بعمر الثلاث سنوات، قد توفاها الله بهذه المنطقة بالذات نتيجة السبي والسير الطويل والعطش والتعب. وتروي السير أيضاً أنه وطوال فترة المسير هناك مراقد مشرّفة لآل الرسول وهذا دليل على الوفاة التي كانت تحصل نتيجة ما أصابهم من عذاب وعطش وجوع.. وقد خص الله منطقة بعلبك بوجود هذا المرقد الشريف من رائحة الإمام الحسين (ع) العطرة والذي يفوح عبيرها على أرجاء المنطقة بأكملها.
وكيفية اكتشاف قبرها الطاهر فمن الثابت أن رجلاً من آل جاري صاحب البستان الذي يحوي قبرها الشريف رأى طفلة صغيرة جليلة في منامه، فقالت له: (أنا خولة بنت الحسين مدفونة في بستانك) وعينت له المكان وأمرته بالقول حوّل الساقية (ساقية مياه رأس العين) عن قبري لأن المياه تؤذيني. فالمياة كانت آسنة، لكن الرجل لم يلتفت للأمر، فجاءته ثانية وثالثة ورابعة حتى انتبه الرجل فزعاً من هذه الرؤى، فهرع عندها للاتصال بنقيب السادة من آل مرتضى في بعلبك وقصَّ عليه الرؤية، فذهب النقيب ومن حضر من الأهالي وحفروا المكان المشار إليه، وإذ بهم أمام قبر يحوي طفلة ما تزال غضة طرية، فأزاحوا البلاطات واستخرجوا جسدها المبارك ونقلوها بعيداً عن مجرى الساقية وبنوا فوقه قبة صغيرة للدلالة عليه.
وما إن ذاع صيت الحادثة التي يعود عمرها لمئتي عام تقريبا حتى توافد إلى زيارة المقام محبّوا أهل البيت )عليهم السلام )حتى ضاق بهم المكان، فأصبح مشهدها المبارك مزاراً يأتيه العوام من مختلف المناطق والأطراف والبلاد لا سيما أيام عاشوراء والأربعين والجمعات والأعياد والمناسبات.وهي من الروايات الثابته لسكان منطقة بعلبك في لبنان .
ويقع مقام السيدة خولة على قطعة أرض (تبلغ مساحتها حوالي الألف وخمسمائة متر مربع) عند المدخل الجنوبي لمدينة بعلبك ومقابل مصرف لبنان، وهي أول ما يطالعك في هذه المدينة وقلعتها، ويحيط بالمقام الذي يُبنى اليوم بأرقى هندسة الأشجار الصنوبرية والحرجية، ووسط بناء المقام شجرة سرو معمِّرة ونادرة عمرها يربو على مئات السنين، وقيل إنها واحدة من الأشجار التي زرعت مع بناء القلعة، وعشعش في تلك الناحية العصافير ما يضفي على المقام بهجة ورونقاً نادرين، وهذا المكان قد سجّل في مديرية الآثار لما يمتلكه من قيمة أثرية إضافة إلى قيمته الدينية والمعنوية، ويعتبر المكان حجاً للزوار من كافة المناطق اللبنانية، وذاع صيت المقام وكرامة صاحبته التي كانت ضمن ركب السبايا إلى الأمصار العربية والإسلامية. فصرتَ تجد القاصدين لزيارتها من سوريا وإيران ودول الخليج والدول الإسلامية الأخرى .
أن المقام كان عبارة عن بناء حجري مربع (غرفة) طول ضلعه ستة أمتار يحوي الضريح الشريف الذي يضطجع في الزاوية الشمالية الغربية على يمين الداخل، وقد أقيم فوقه صندوق خشبي مزخرف بآيات قرآنية وأشكال هندسية يفوح منها شذا القداسة وعطر النبوة، وللمقام جدران سميكة تحمل أربعة عقود حجرية مقوّسة تعلوها قبة حجرية صغيرة، وقد توسط محراب بسيط الجدار الجنوبي، وتشير البلاطات الخارجية إلى وجود مسجد صغير كان بإزاء المزار الذي تظلله شجرة سرو قديمة العهد المعروفة بنموها البطيء وباخضرارها الدائم. وقد قيل عنها أنها إحدى الشجيرات اليتيمات التي كانت ضمن الجنائن الرومانية الشهيرة والتي كانت محيطة بالمعابد الرومانية في العصر الروماني64 ق.م. عام 330 م. وقيل أيضاً: إنها زرعت للدلالة أو العلامة وكأن حولها أو قربها شيئاً مقصوداً، إذ يتردد بين العوام أن الإمام زين العابدين (ع) أمر بزرعها للاستدلال من خلالها على ضريح السيدة خولة (ع) .
وتوسيع المقام في عام (1416 هـ)، فأصبح المقام بالحالة الجميلة التي نراه الآن. مقام كبير يتألف من ققص حديدي كبير، يتخلل هذا القفص فتحات صغيرة على شكل نوافذ، وبداخل هذا القفص احتفظ بالقفص الخشبي الصغير والقديم والذي يحتوي بداخلة ضريح السيدة خولة (ع ).
وهذا القفص الحديدي مزدان بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة وأقوال لأئمة أهل البيت عليهم السلام من جميع الجهات. ثم لو نظرت إلى جدران المقام العالية فكيفما توجه نظرك تجد أقوال وأحاديث مزخرفة بطريقة جميلة يختلط فيها الألوان ما بين الأزرق والأبيض والكحلي، بطريقة تبهر النظر، حتى كتابة الأقوال والآيات القرآنية فقد كتبت بخطوط عربية مختلفة الأشكال والألوان. ووجدنا من المناسب ذكر بعض هذه الأقوال والكتابات مثلاً:
نبدأ بآية قرآنية شريفة: ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ﴾
وهناك حديث قدسي*: "مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله".