ويوجد في المقام أيضاً لوحات خشبية مختلفة الأحجام مكتوب عليها زيارة السيدة خولة(ع)*، وقد كتبت هذه الزيارات بخطوط تختلف من لوحة إلى لوحة، فمنها ما كتب بخط ذهبي، ومنها ما كتب بطريقة ملونة, ومنها ما كتب بخط أسود إلخ... ويوجد في المقام أيضاً خزائن صغيرة يوضع فيها المصاحف الشريفة وكتب أدعية وزيارات (كمفاتيح الجنان)، وكتب دينية أخرى تتناول سيرة الرسول وأهل البيت (ع).. ويُفصل المقام من الداخل بستار صغير من القماش منعاً للاختلاط والتزاحم بين النساء والرجال خاصة في أوقات الزيارات كالأربعين والخامس عشر من شعبان. فأهمية هذا الستار بأنه يعطي الحرية الكاملة بممارسة الشعائر الدينية لكلا الطرفين، وهذا الستار الفاصل نجده في جميع المراقد الشريفة والمقدّسة. وذلك للحفاظ على خصوصية قيام النساء والرجال بواجباتهم الدينية من صلوات مستحبة وقراءة قرآن وغيرها من الأمور العبادية والتي يستحب القيام بها داخل المقام..
ومن أعمال التحسين في المقام أيضاً بناء غرف صغيرة .
أما في ما يخص الشجرة المذكورة اعلاه فهي كانت قبل تحسين المقام ملاصقة له مباشرة، فكانت الناس تأخذ منها أوراق صغيرة للتبرّك كونها وكما هو معروف لدى العوام بأن الإمام زين العابدين هو من زرعها، ويحكى عن كرامات كثيرة لهذه الشجرة، فالناس ونظرا لتعلقهم وحبهم وإيمانهم بأهل البيت وبكراماتهم يأخذون أوراق منها لعلاجهم من مختلف الأمراض. وهذا الأمر كاد أن يؤدي إلى يباس هذه الشجرة وخسارتها، مما حدا بالمعنيين والقيمين على المقام وحفاظاً عليها من اليباس الكامل بأن أحاطوها بقفص زجاجي كبير وعالي يمنع الأيدي من الاقتراب منها، أو قطع أوراقها. أما نوع هذه الشجرة فمنهم من يقول: بأنها من نوع السرو، وعمرها يعود لمئات السنين، والبعض من سكان بعلبك يقولون بأنها من نوع اللزاب، على كل حال فهي شجرة ضخمة جدا تخترق المقام نحو الأعلى بسمو وتباهٍ.
ويوجد في داخل المقام أيضاً صندوق صغير للتبرعات والصدقات وذلك مساهمة في تحسين وتوسيع المقام. وهناك أيضاً أناس يضعون أموالاً داخل القفص الحديدي وليس فقط في صندوق التبرعات, وهؤلاء الأشخاص ممن في ذمتهم نذورات أو قضيت حوائجهم فيفِّضلون وضع أموالهم بقفص السيدة، وذلك عربون شكر ووفاء لها لأن الله سبحانه وتعالى قضى حوائجهم ببركة هذه الطفلة. واللافت أن جميع الأموال سواء في صندوق التبرعات أو في داخل القفص تُصرف في أعمال تحسين وتوسيع المقام، وأيضاً يصرف جزء من هذه الأموال كرواتب رمزية للخدم الذين يشرفون على نظافة المقام.
وصف المقام من الخارج.. فيطالعك المقام بهندسة رائعة يعلوه مئذنتان كبيرتان مزدانتان بزخارف جميلة جداً، كذلك يتميّز المقام بقبته الكبيرة ذات الشكل الدائري باللون الأزرق، بحيث إنك بمجرد وصولك على مشارف بعلبك فإنك ترى المقام شامخاً بقبته الزرقاء ومئذنتيه .. ويوجد على باب المقام زيارة استئذان*..
في الباحة الخارجية للمقام يوجد محلات صغيرة لبيع الأشرطة الدينية والعلاّقات المختلفة الأشكال والأحجام والموجود عليها صور للسيد حسن نصر الله، وأقوال دينية، وآيات قرآنية، أيضاً يُباع في هذه المحلات والتي تشبه إلى حد ما المكتبات الصغيرة كتيبات تحكي عن تاريخية المقام وعن الآثارات المهمة الموجودة في مدينة بعلبك والجوار، وغيرها من الأمور التي تستهوي الزائر والسائح. ويوجد أيضاً في الباحة الخارجية أماكن للوضوء ومراحيض وجميعها تتميز بالنظافة والترتيب، فهناك أشخاص مسؤولين عن الاهتمام بنظافتها وترتيبها.. فمن يشرف على أمن المقام ونظافته امرأتان وأربعة رجال، مهمتهم السهر والعناية بالمقام، ومساعدة الزوار إن أرادوا الاستفسار عن أية معلومات تخص المقام. لذا فحالة التنظيف مستمرة طوال اليوم.
أيصاً يوجد في الباحة الخارجية مكان صغير لإضاءة الشموع والتي تضاء للدلالة على أنها نذور.
أيضاً بني طابق ثاني أضيف إلى المقام هو عبارة عن مسجد ملحق بالمقام وهذا المسجد في بنائه قد جارى حركة التوسع التي أضيفت على المقام، وذلك تسهيلاً لحركة الزوار عند الاكتظاظ في أوقات الزيارات وإقامة صلوات الجمعة والجماعة.
ومن الكتابات المزخرفة التي تزين جدران المقام من الخارج:
السلام على صالح المؤمنين، السلام على يعسوب الدين والإيمان..
سودت صحيفة أعمالي ووكلت الأمر إلى حيدر..
وغيرها من الأقوال والأحاديث التي تحفل بها جدران المقام من الخارج..
والسيده خوله (ع) قاضية حواج وأنها صاحبة كرامات ومعجزات، وقد روى أحد الأشخاص بعض من الكرامات والمعجزات التي حصلت بإذن الله وكرامة لهذه الطفلة. فمن هذه الكرامات أن أحد خدام المقام واسمه الحاج نايف عطية توفي لساعة من الزمن فرأى في منامه السيدة خولة عليها السلام وقالت له: ستعيش وحدَّدت له الوقت والسنة اللذين سيموت بهما، وبالفعل فقد عاش المدة التي حددتها له السيدة خولة وعندما حان الوقت المحدّد توفي هذا الرجل. وهذه القصة مشهورة في بعلبك ويرويها أحفاد هذا الرجل حتى الآن.
من الكرامات أيضاً أنه ولدى سماع مجلس عاشوراء في مقام السيدة خولة (ع) فوجيء الناس بالثريا المعلّقة فوق المقام تهتز، وفي هذا الوقت دخلت فتاة سافرة (غير محجبة)، وإذ بها تقف بالباب جامدة، وبعد لحظات استفاقت، ومن الطبيعي أن يجتمع الناس حولها لأنها كانت بحالة شبه إغماء، فسألوها ما الذي حصل معك، فقالت: حضرت علي السيدة خولة عليها السلام ووضعت يدها علي، وقالت لي تستري. (أي ضعي حجاباً على رأسك).
وقد حصلت مع إحدى الفتياة معجزة من معجزات السيدة خولة، فقد تزوجت الفتاة وقد مضى على زواجها ما يزيد على الإثني عشر سنة، وقد حاولت مع الطب كثيراً لكن الطب عجز وهي يأست من إجراء العمليات والوعود، فما كان عليها إلا أن ذهبت إلى طبيبة من نوع آخر طبيبة خصها الله بكرامة عالية، وهذه الطبيبة هي السيدة خولة عليها السلام، فذهبت الفتاة إلى مقام السيدة خولة لزيارتها، وهناك نذرت أنها إن رزقت بولد ذكر ستسميه حسين على اسم الامام الحسين (أي والد السيدة خولة)، وإن رزقت بفتاة ستسميها خولة، وكان نذرها بخشوع وإيمان. وبعد فترة وبإذن الله حملت هذه المرأة وأنجبت فتاة وأسمتها خولة على اسم السيدة خولة، وللدلالة على هذه الكرامة أن الفتاة هذه لم تنجب غير هذه الفتاة. ولم تحمل مرة ثانية.
والمقام يشكِّل مكاناً عبادياً كبيراً ففيه تقام الصلوات الخمس؛ (أي الصلوات اليومية الواجبة على كل مسلم) بشكل جماعي ويومي، وذلك بإمامة الشيخ على فرحات، أما صلاة الجمعة فهي تقام بإمامة الشيخ محمد يزبك،
هذه هي السيدة خولة وبلمحة موجزة لا تفيها حقها، فهي طفلة من أطفال الإمام الحسين عليه السلام الذين جار عليهم الزمن، وظلمهم طغاة الاستبداد، ثم سبوهم من مكان إلى مكان، فمنهم من قتل مع الحسين في كربلاء، ومنهم من سبي وتشرّد مع ركب السبايا الذي سير بهم من بلد إلى بلد، فمن الطبيعي أن يتعرض هؤلاء الأطفال ونتيجة للجوع والعطش أن يتعرضوا إلى المرض ومن ثم الموت في الطريق، وطوال رحلة السبي قد احتوت تراب بلاد كثيرة أجساد هؤلاء الأطهار من فلذات كبد الإمام الحسين، والسيدة خولة عليها السلام هي طفلة أيضاً شاء القدر أن تحط قافلة سبيهم رحالها في بعلبك، وشاء الله أن تحتوي تراب هذه المدينة جسد هذه الطفلة ليصبح مكان دفنها فيما بعد وبعد أن تم اكتشافه منارة للقداسة ورمزاً للطهارة .