ثم ذكر في آخر الكتاب ، مازجا كما يظهر بين ما ذكره المازندراني في معالي السبطين ، وما توصل إليه أو يوافقه عليه ، ما حاصله أن مجموع النساء كن 42 إمرأة ومعهن من البنات 10 ، ومن الجواري 9 ، فيكون المجموع على هذا 61 إمرأة وبنتا وجارية .
وفي التفاصيل : ذكر أن ( 8 ) من زوجات أمير المؤمنين عليه السلام قد حضرن كربلاء. ومن نساء الامام الحسن عليه السلام ( 5 ) . ومن بناته ( 4 ) .
وأنه قد حضر ( 12) من أخوات الامام الحسين عليه السلام .
ولا نعلم في الواقع عن المصدر التاريخي أو الروائي الذي استقى منه المازندراني(6) ( رحمه الله ) معلوماته لكن يشكل قبول هذه الاحصاءات بنحو مطلق ، وينبغي التأمل فيها :
* فإنه قد ذكر أن أمامة بنت أبي العاص العبشمية : زوجة أمير المؤمنين عليه السلام كانت من جملة من حضر ، ولا يمكن قبول ذلك ، فإنها بعدما تزوجها أمير المؤمنين ، واستشهد عنها أوصاها أن تجعل أمرها إلى المغيرة بن نوفل بن الحارث المطلبي(7) لأن معاوية قد يخطبها ، ففعلت وتزوجها ، وتوفيت قبل سنة (50 ) للهجرة أي قبل الواقعة بأحد عشر سنة . ويدل عليه إضافة إلى نص الكثير عليه وذكرهم أنها ( ماتت عند المغيرة بن نوفل في دولة معاوية بن أبي سفيان(
) ما رواه في الوسائل من حضور الحسن والحسين وصيتها ، وقد اعتقل لسانها (9) وماتت على ذلك(10).
* ومع أن نساء أمير المؤمنين عليه السلام كن كثيرات ( ما بين حرائر وأمهات أولاد ) إلا أن التأريخ لا يذكر بصراحة عدد الباقيات منهن بعده ، إلا نادرا ، فلا أعلم من أين استقى الشيخ المازندراني رحمه الله هذه المعلومات عن كونهن كلهن على قيد الحياة(11) ، وتأكيد سفرهن مع الحسين عليه السلام .
وقد ذكر أن من زوجات علي اللاتي كن في كربلاء ، ليلى بنت مسعود الدارمية النهشلية ، ولا يمكن قبول ذلك ، فإنها قد تزوجت بعد أمير المؤمنين عليه السلام بعبد الله بن جعفر الطيار ، وبهذا صرح أكثر أهل الرواية والأثر(12) ، وجمع بينها وبين زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وليس من الطبيعي أن تترك زوجها عبد الله بن جعفر لتذهب في سفر مع الحسين خصوصا أن زوجته الأخرى زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام قد ذهبت في ذلك السفر .
* كما أنهما ذكرا(13) في ضمن من خرج من المدينة إلى مكة ، ( شاه زنان ) شهربانو أم زين العابدين عليه السلام ، بتلك الكيفية التي ذكراها . بينما المشهور عند المؤرخين أنها توفيت في نفاسها بزين العابدين(14) أي قبل تلك الواقعة بما يزيد على اثنين وعشرين سنة .
وأظن ـ والله العالم ـ أن العدد الذي ذُكر إضافة إلى اختلافه ما بين المذكور في الخروج من المدينة والموجود في كربلاء ، حيث ذكر في الأول أنه كان ( 222 ) وهو غير العدد الذي التحق بالحسين في مكة وفي الطريق إلى كربلاء ، من الرجال ( وبعضهم مع نسائهم وأطفالهم ) وطرحنا منه عدد الشهداء الرجال وهو أكثر من المائة بقليل ، فيبقى عدد النساء والأطفال شيئا بحدود المائة وعشرين ، وهو يخالف النتيجة التي وصلوا إليها . وهي أنهن كن بحدود ( 61 ) فهو قريب نصف العدد المذكور قبلئذ . إلا أن يقال أن الأطفال الصغار كان عددهم يقارب هذا أيضا .
أقول : إضافة إلى اختلاف العدد المذكور بين الحالين بمقدار كبير ، فإنه يعتبر بنفسه عددا كبيرا جدا ، لا يساعد عليه النقل التاريخي . فإن افتراض أن كل من كانت زوجة لأمير المؤمنين عليه السلام أو زوجة للامام الحسن أو الحسين عليهما السلام ، أو أماً لواحد من الشهداء ، افتراض أن يكون كل أولئك قد حضرن ـ بالضرورة ـ في كربلاء ، مع عدم نقله صراحة ولا تلميحا ولا إشارة .. مما لا ينبغي الركون إليه .
وهذا المعنى لا ينافي ما ذكرناه في أول الحديث من (إننا نحتمل أن عددا من الذين خرجوا مع الحسين عليه السلام قد اصطحبوا زوجاتهم معم ، فليس طبيعيا في المجتمع العربي والمسلم أن يخرج الرجل في سفر بعيد(15) كالذي حصل مع الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء ، ولم يكن ذلك السفر معلوما في توقيت العودة ، أو أصلها .. أقول ليس طبيعيا أن يترك الرجل زوجته أو زوجاته ، ويخرج في سفر عنهن منفردا ، خصوصا مثل ذلك السفر الحسيني ) . فإننا في هذا المقطع نثبت مجيء عدد من نساء الشهداء وذلك في الجملة ، بينما ننفي كلية ذلك أي أن كل من كان من الشهداء فإن أمه مثلا قد كانت معه ، أو أن كل من كان زوجات الامام علي فإنها قد حضرت في كربلاء !!
وبناء على ما تقدم فإننا نستبعد العدد الذي يذكره في وسيلة الدارين ، والذي ينهي إلى أن عدد النساء كن بحوالي ( 61 ) امرأة ، حتى لو أضفنا إليهن عدد الجواري .
ونستقرب أن يكون العدد الذي ذكره الشيخ البهائي في الكامل ـ بالرغم أننا لا نعرف مستنده في هذا العدد ، وأنه هل هو رواية عن المعصومين مثلا ، أو نقل من بعض المؤرخين المتقدمين ـ هو الأقرب للقبول ، وأنهن كن في حوالي العشرين أو أكثر بقليل . وهو الموافق فيما نعتقد ، للسير الطبيعي للحوادث ، ولكن هذا العدد لا يشمل الأطفال .
ونعتقد أن الذين التحقوا بالحسين عليه السلام فيما بعد لم يكونوا قد اصطحبوا نساءهم في الغالب ، فالذين جاؤوا من البصرة ( العبديين ) جاؤوا منفردين ، والذين التحقوا بالحسين من الكوفة في خلسة من الحراسات المسلحة ، مثل حبيب بن مظاهر أو على أثر مواجهة معها مثل الدالاني ، أو من خلال خروجهم مع الجيش الأموي أيضا ( كالذين تقدم ذكرهم في ذيل سؤال عن الذين تحولوا ) كذلك ، والذين حصل لهم التحول بعدما كانوا ضمن الجيش الأموي كذلك(16) ، كما أن الذين التحقوا به في الطريق لم يُذكر أنهم كانوا مع نسائهم غير ( جنادة بن الحارث السلمي ) و ( عبد الله بن عمير ) . وأما ( زهير بن القين ) فقد أرسل زوجته إلى الكوفة ولم تحضر الواقعة .
ويمكن أن يقال : أن هذا العدد كان عدد النساء من أهل البيت ومن يرتبط بهم من نسائهم ، وقد يكون هناك عدد آخر يضاف إليه ، هو عدد النساء من غير أهل البيت وقد كن معهن في كربلاء ، ويفترض أنهن في الكوفة قد عدن إلى أهاليهن .
__________________________________________________ _________________________________
المصادر:
1 - الشيخ عباس بن محمد القمي ( 1294 ـ 1359 هـ ) واعظ مجيد ، وكاتب مكثر ، ومحدث خبير ، تتلمذ في الغالب على أستاذه الشيخ حسين النوري الطبرسي صاحب المستدرك ، له ما يقارب من 60 مصنفا . منها في السيرة مثل كحل البصر في سيرة خير البشر ، ومنتهى الآمال في سيرة المعصومين ، ونفس المهموم ونفثة المصدور في مقتل الحسين ، وفي الدعاء له الكتاب المشهور : مفاتيح الجنان ،.. وكتب أخرى متنوعة .
2 - الشيخ محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي الهمذاني الحارثي : ( 953 - 1031 ه )، بهاء الدين : عالم أديب إمامي ، من الشعراء . ولد ببعلبك ، وانتقل به أبوه إلى إيران . ورحل رحلة واسعة ، ونزل بأصفهان فولاه سلطانها ( شاه عباس ) رياسة العلماء ، فأقام مدة ثم تحول إلى مصر . وزار القدس ودمشق وحلب وعاد إلى أصفهان ، فتوفي فيها .. الأعلام - خيرالدين الزركلي ج 6 ص 102
ذكره في الكنى والألقاب ، قال : مجدد المذهب على رأس المائة الحادية عشر ، انتهت إليه رئاسة المذهب والملة له تصنيفات وتأليفات متعددة ، منها حبل المتين ، ومشرق الشمسين والاربعين ، والجامع العباسي ، والكشكول ، والمخلاة ، والعروة الوثقى ، ونان وحلوا والزبدة ، والصمدية ، وخلاصة الحساب ، وتشريح الافلاك ، والرسالة الهلالية ، ومفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة ، و الاثنى عشريات ، والتهذيب ، والحواشي على الفقيه وعلى خلاصة الرجال ، وعلى الكشاف والبيضاوي وغير ها .
3 - نشير في هذا المجال إلى أن زهير بن القين كان خارج الكوفة ، وكان معه زوجته دلهم ( ديلم ) بنت عمرو ، وكان لها دور في تشجيعه على الالتحاق بالحسين ، وعندما علم بأنه ذاهب للشهادة ، وكل بها من يردها إلى أهلها .
4 - وسيلة الدارين صفحة 52
5 - ربما يكون لنا وقفة لمناقشة الراوية التي تنقل كيفية خروج الحسين عليه السلام من المدينة ، في هذا القسم أو تاليه .
6 - معالي السبطين 2-226
7 - المغيرة بن نوفل بن الحارث من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، والحسن ، له مع معاوية مناظرات في الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام ، وكان سريع البديهة حديد اللسان ، كان مع الامام الحسين عليه السلام في خروجه ، وأصابه مرض في الطريق فعزم عليه الحسين أن يرجع ، فرجع .. ولما بلغه قتل الحسين عليه السلام ، رثاه . عن تهذيب المقال -2 للسيد محمد علي الأبطحي .
8 - سير أعلام النبلاء للذهبي 1- 321
9 - وسائل الشيعة 19 - 373 .. وتراجع ترجمتها في كتاب ( نساء حول أهل البيت ) للمؤلف .
10 - مستدرك الوسائل 15 - 474
11 - نعم يمكن استصحاب بقائهن إلى ذلك الوقت ، لكن لا يمكن به إثبات سفرهن ، باعتبار أنه من اللوازم العادية لوجودهن في تلك الأجواء .
12 - ذكر ذلك الشوكاني في نيل الأوطار ج 6 ، والبيهقي في السنن الكبرى ج 7 ، وابن حجر في تهذيب التهذيب ج 8 .
13 - وسيلة الدارين صفحة 53
14 - الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي ج 2 ص 751 ، وقبل ذلك ذكر الصدوق في عيون أخبار الرضا 1- 135 في رواية أنها ماتت نفساء بابنها زين العابدين .
15 - نشير في هذا المجال إلى أن زهير بن القين كان خارج الكوفة ، وكان معه زوجته دلهم ( ديلم ) بنت عمرو ، وكان لها دور في تشجيعه على الالتحاق بالحسين ، وعندما علم بأنه ذاهب للشهادة ، وكل بها من يردها إلى أهلها .
منقول
المصدر:
http://www.14masom.net/نسألكم الدعاء
[/size]