3- التفكك الإشعاعي غاما y :
وهي من أخطر الأشعة الموجودة في الطبيعة والتي تصدرها المواد المشعة . وهي عبارة عن أمواج كهرومغناطيسية شديدة القصر عالية الطاقة تصل أحيانا ً إلى مليارات الكيلوواط وتستطيع النفوذ في الأجسام الحية حتى عشرين سنتمترا ً .
وتحتاج إلى درع لا يقل سماكته عن 10 سم للوقاية منها . هذا وينطلق أكثر من نوع من الإشعاعات المذكورة أثناء تفكك بعض العناصر مما يزيد خطورتها وتلويثها للبيئة .
وقد يتسائل سائل لماذا أثيرت كل هذه الضجة العالمية حول موضوع النفايات النووية ؟
أليست تلك النفايات عديمة الضرر ؟؟
الواقع لا . فالنفايات النووية هي عبارة عن مخلفات اليورانيوم المشع المستخدم وقودا ً للمفاعلات النووية . وعندما تصبح ضعيفة المردود عديمة الجدوى إقتصاديا ً يصار إلى تعليبها وطرحها . حيث أن للمواد المشعة أدوار تفكك مختلفة تكون في البداية سريعة التحول ثم تصبح بعد ذلك شديدة البطىء وقليلة المردود .
فالمفاعلات النووية تستغل الطور الأول ، وتهمل الطور الثاني رامية بالنفايات النووية التي تشع لعشرات أو لمئات أو لآلاف السنين ، لتلوث البيئة وتضر بالبلاد والعباد وإليكم المثال التالي : يتحول اليورانيوم 239 في الطبيعة أو في الفاعلات إلى نبتونيوم 239– NP 239 – مطقا ًأشعة بيتا ؟ خلال مدة زمنية قدرها 23,5 دقيقة .
بينما يتحول النبتونيوم NP 239 بعد ذلك إلى بلوتونيوم 239 PU 239 مطلقا ًأشعة بيتا خلال 3,5 يوم.
أما تول البلوتونيوم pu 239 إلى البزموت Bi83 عبر سلسلة من التفككات ؟ فيحتاج إلى عام مطلقا ً أشعة ألفا السامة طوال تلك المدة ليستقر بعدها ويصبح عديم الإشعاع . وكذلك يحتاج في الطبيعة اليورانيوم المشع u233 ليتحول إلى اليورانيوم المستقر نسبيا ً u228 ، يحتاج إلى حوالي 160000 عام مطلقا ً جميع أنواع الإشعاعات طوال تلك المدة .
وأود أن أشير إلى أن المفاعل النووي العادي ذي الاستطاعة عشرة مليون كيلوواط ، ينتج من المواد المشعة خلال عام ثلاثة ملايين كوري ( وحدة مشعة ) وهي كمية كافية لتلويث نصف مياه البحر الأبيض المتوسط ورفع كمية الإشعاع وسويته إلى عدة أضعاف السوية المسموح بها عالميا ً ، لا بل ويستمر ذلك النشاط الإشعاعي بعدها 2800 عام .
هذه هي إذا ً النفايات النووية ، هي قنابل إشعاعية موقوتة تنفجر في أي لحظة مهددة الناس بالرعب والمرض .
( فأصابهم سيئات ما كسبوا ) الزمر : 51
( وما أصابكم من مصيبة قبما كسبت أيديكم )الشورى : 30
الآثار البيولوجية للإشعاع : أذيات الإشعاع :
كما ذكرنا سابقا ً ، ترجع الآثار البيولوجية الخطرة للإشعاع لعملية التأين أو التشرد التي تحدثها الجسيمات المشعة ( ألفا – بيتا – غاما – أشعة النيترون ) في جزيئات المادة الحية .
فالإشعاعات جميعها ذات شحنة وذات طاقة ، وشدة نفوذيتها وعبورها إلى داخل الجسم تجعل منها مواد حارقة للنسج أينما حلت ( وخصوصا ً أشعة غاما ) .
ومواد مشردة للذرات والجزيئات (لأنها ذات شحنة عالية ) وهي مخثرة لهيولى الخلية الحية ، ومخربة لصبغياتها ، ولاجمة لنقي العظام .
أما الأذيات الحرارية الحارقة فتتوقف على شدة الإشعاع ونفوذيته وهو تأثير غالبا ً عاجل ، وإذا كان كبيرا ً جدا ً فإنه مميت فورا ً .
فانفجار القنبلة الذرية : قتل كما قلنا حوالي 100000 شخص وقد مات معظمهم مباشرة نتيجة لموجة الضغط الجوي الهائلة التي وصلت إلى عدة ملايين ضغط جوي . وذلك ضمن دائرة لا يقل قطرها عن 3 كم ، والاحتراق بالوهج الناري الشديد . أما الذين ماتوا لاحقا ً فقد تلقوا كميات هائلة من الإشعاع تتجاوز المقدار القاتل ، والمقدار القاتل للبشر هو ( 200 – 400 ) رونتجن ( وهم 35% من الضحايا ) .
الرونتجن : هو كمية الأشعة التي تسبب تشرد الجزئيات الحية وتؤدي إلى إطلاق شحنات في الجسم تقدر بـ 25/ 100000 أي 0،00025 كولون في كل واحد كيلوغرام من النسج الحية .
إذا ً الوفيات اللاحقة نجمت عن مقادير من الإشعاع تجاوزت المقدار القاتل . حيث حدث لديهم حروق جلدية واسعة في الجسم وإقياء وإسهال ووهن شديد ث/ كان الموت الزءام خلال مدة لم تتجاوز عدة أيام . وقد حدث نفس الشيء للعاملين في مفاعل تشرنوبل . لقد ماتوا جميعا ً بالتسمم الإشعاعي الحاد .
أذية الإشعاع المزمن :
فقد عانى منها من بقي من سكان المدينتين المذكورتين ، وسكان مدينة تشرنوبل . وتفاوت ذلك باختلاف كمية الأشعة التي امتصا أجسام أولئك البائسين . فحدث ليهم إقياء لمدة يوم واحد ثم توقف ثم إسهال توقف لاحقا ً ، وحروق جلدية مختلفة المساحة ، ونزف في المعدة والدماغ والجهاز التنفسي وذلك نتيجة تخرب الصفيحات الدموية بالأشعة وإنتانات مختلفة وحمى وسعال لم يشف إلا بانقضاء أيام طويلة ووهن تجاوز كل تصور ، وتجفاف نتيجة الحروق ، واضطرابات عصبية مختلف ، وهذيان ، وصرع ، وذلك نتيجة التعرض الإشعاعي ، والذعر الذي رافق الجريمة . أما الأخطر فكان تليف نقي العظام وتوقفه عن إمداد الدم بالكريات الحمر والبيض والصفيحات ، فكان فقر الدم الحاد والمزمن والإنتانات المختلفة ، ومن ثم الموت في نهاية المطاف . أما الحوامل فحدّث ولا حرج : تشوهات في الأجنة . وتكررت الإسقاطات ، وهناك نساء من هيروشيما أصبحن عقيمات . ومنعت السلطات الحمل في المدينة المذكورة لأكثر من عشر سنوات . وتخاف السلطات في جميع دول العالم من المواد المشعة . لأن الإشعاع لا يتخرب ولا يزول بل يتراكم في الجسم ، وكل تعرض إشعاعي جديد يعني إضافة كمية من الإشعاع إلى الكمية الموجودة في الجسم وبالتالي مضاعفة الأعراض والأخطار ، ويأتي حاليا ً معظم الخطر من أكل لحوم الحيوانات المصابة أو أكل الخضار وفواكه وحبوب ملوثة في مناطق تواجد المفاعلات النووية ، والنظائر المشعة حيث يؤدي إلى أضرار تراكمية في أجهزة الجسم المختلفة . إضافة إلى ما ذكرت سابقا ً فإن الإشعاعات المختلفة هي مواد مولدة للسرطنة ومحرضة على التكاثر الخلوي الخبيث ابتداء ً من سرطان الجلد ( وهوالأكثر تواردا ً لتعرض الجلد المباشر ) ثم سرطان الجهاز التنفسي ، والهضمي ، وباقي أجهزة الجسم المختلفة . والحروق الناتجة عن الإشعاع يجب استئصال ندوبها لأنها معرضة بدرجة عالية للسرطان . وقد ثبت وجود الإشعاعات في كثير من الأجهزة الكهربائية المتطورة خصوصا ً أجهزة التحكم بالفيديو والتلفزيون , فهي تطلق كميات زهيدة من أشعة بيتا , وحتى التلفزيون نفسه عند بدء تشغيله وفي صالات العرض السينمائية ودور الأشعة . وبعض أنواع كاميرات التصوير الفوتغرافي . وقد اصطلح حديثا ً على وحدة جديدة تقدر كمية الأشعة الممتصة في الجسم وهي (الراد)وقد عرفت كما يلي : الراد : هو كمية الأشعة الممتصة من الجسم والتي تحرر طاقة مقدارها 1/100 جول في كل واحد كيلوغرام من الجسم البشري . والحد الأعلى المسموح به دوليا ً للتعرض الإشعاعي هو ( 5 ) رادات سنويا ً . أو 100 ميلي أسبوعيا ً .
( فليضحكوا قليلا ً وليبكوا كثيرا ً بما كانوا يكسبون )
( ليجزي قوما ً بما كانوا يكسبون ) صدق الله العظيم .
ملحوظة :ظهرت هناك في العام 1994 بوادر أمل بالتخلص السليم من النفايات النووية ، وذلك عن طريق رجمها بالنيترونات فترتفع تبعا ً لذلك كتلتها الذرية وتتحول من عناصر يحتاج تفككها إلى مئات وآلاف السنين إلى عناصر مستقرة وعديمة الإشعاع وتتفكك خلال بضع سنين من الزمن وإذا نجحت هذه التجارب والتي ظهرت طلائع نجاحاتها ، فلن تكون هناك مشكلة إشعاع في المستقبل .