خامسا ً : الفساد في البحر
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم : 27
( وما يستوي البحران هذا عذب فرات ، وهذا ملح أجاج ) الفرقان : 53
كانت بحوثنا السابقة ( التلوث الإشعاعي – ارتفاع حرارة الأرض – ثقب الأزون – الأمطار الحامضية ) أجراس إنذار تحذر الناس بأن التلوث في غلاف الأرض وسطحها أصبح يشكل خطرا ً بالغا ً على حياة الإنسان وأن المشكلة ذات أبعاد مأساوية على المدى المتوسط إن لم نقل على المدى القصير وإن لم تسارع حكومات الدول والهيئات المتخصصة بشؤون البيئة إلى معالجة المشكلة من جذورها فالجنس البشري مهدد بالزوال بكامله عن سطح الأرض وأردت أن أختم بحثي هذا بمعلومات يسيرة عن الفساد في البحار .
فالبحار تشكل 69% من سطح الكرة الأرضية وهي تمنح الأرض رطوبتها وأمطارها ، بل وبيئتها الملائمة للحياة ورحمة من الله عز وجل وتكريما ً لخليفته في الأرض ( الإنسان ) فقد جعل تلك البحار مالحة جدا ً . حيث تبلغ نسبة الملح في ماء البحار ما بين : 35 بالألف – 70 بالألف ( البحر الميت ) أي أن كل ليتر من ماء البحر يحتوي على : 70 غرام ملح كلور الصوديوم وتلك عناية إلهية لا تخطر على بال الناس . فالملح قاتل وبنسبة 100% لجميع الميكروبات والطفيليات وجمبع أنواع الجراثيم . ولما أصبحت البحار مصبات لقاذورات آلاف المدن والقرى وحيث يُلقى يوميا ً ملايين الأطنان من مياه الصرف الصحي في مختلف بحار الأرض ، عدا عما تحمله آلاف الأنهار التي تصب في البحار على مدار الساعة ( من جراثيم وملوثات ) يضاف إلى كل ذلك ما تلقيه ملايين السفن والبواخر العابرة للمحيطات وناقلات النفط من من مخلفات وزيوت النفط من الناقلات المعطوبة ، إضافة إلى حوادث اصطدام ناقلات النفط بصخور الشواطىء وانشطارها ، ولا يكاد يمر عام دون حادث من هذا النوع . فعلى سبيل المثال فإن ناقلة النفط الأمريكية ( أموكو – كاديز ) عندما طرحتها العواصف العاتية على شواطىء بريتاني الفرنسية عام 1979 ألقت ( 200 ألف طن من النفط الخام في البحر ) فقتلت مليارات الكائنات البحرية من أسماك وطيور بحرية وشعاب مرجانية وقطعت مصادر رزق آلاف الصيادين .
كل هذه الأسباب مجتمعة أصبحت تشكل مصادر تلوث للبحار وحتى للمحيطات . والبحار الأكثر تضررا ً الداخلية وصغيرة المساحة كالبحر المتوسط والبحر الأسود والبحر الأحمر وبحر البلطيق والأدريتنيكي وبحر اليابان وبحر الصين الجنوبي وخليج المكسيك وبحر الشمال حيث أن نسبة 35 بالألف من الأملاح لم تعد كافية لقتل المكروبات التي تطرح في تلك البحار حيث تغير لون المياه أولا ً ثم ظهرت أعشاب غير بحرية أصلا ً في شواطىء تلك البحار ( خصوصا ً الطحالب الحمراء ) . ونفقت آلاف بل ملايين الأسماك والدلافين والطيور وتخرب حوالي 20% من شعاب البحار المرجانية وأصبحت شواطىء تلك البحار مصدرا ً لمليارات الحشرات كالبعوض والقوارض ومختلف أنواع الذباب وأصبح ذلك يشكل مشكلة كبرى للمدن الساحلية . كما انبعثت روائح نتنة من كثير من الشواطىء وكثرت الإصابة بمختلف الأمراض وخصوصا ً : التيفوئيد والكوليرا والملاريا وأمراض الجهاز التنفسي عدا عن الأمراض الجلدية وأمراض الحساسية واللابو ، وادار الناس ظهورهم للشواطء التي كانت مصدر تسليتهم ومتعتهم بل وأرزاقهم .
كل ذلك حدث خلال مدة لا تزيد عن خمسين عاما ً بعد أ، كان البحر نظيفا ً جميلا ً تؤكل حيواناته الميتة منذأيام وشهور ، وفقا ً لقول رسول الله ÷ : البحر طهور ماؤه ، حل ميته .
والذي يدعو للقلق والخوف حقيقة هو أن ازدياد تلوث البحار سيجعل من تلك البحار مستنقعات كبيرة في المدى المنظور أي قبل عام 2200م . عندما سيهلك الحرث والنسل ولن يبقى أحد حيا ً من كثافة الأمراض والإنتانات .
ولقد بادرت حكومات حوض البحر المتوسط إلى عقد اجتماعات متكررة خلال العشرين عاما ً المنصرمة ، وهناك الآن خططا ً منظمة للحد من إيصال مياه الصرف الصحي إلى البحر .
وفرض القانون الدولي عقوبات على أية سفينة تلقي زيوتا ً أونفطا ً في مياه البحر مع حجزها ومنعها من الإبحار .
كما صدرت القوانين التي تمنع إلقاء النفايات الإشعاعية في مياه البحار حتى وإن كانت شديدة التعليب والتغليف . وصدر قانون يمنع التجارب النووية في مياه المحيطات وخصوصا ً مياه المحيط الهادي ( لقد أصبح جنوب المحيط الهادي مسرحا ً لتجارب نووية متكررة خصوصا ً من قبل فرنسا ) والالتزام بتلك الضوابط والقوانين لا يزال مشكوك فيه . ونأمل أن يتدارك العالم هذه المشكلة قبل فوات الأوان .
( واتقو فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) الأنفال : 25
الإيدز AIDS
مالىء الدنيا وشاغل الناس
قال تعالى في كتابه العزيز :
( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ً ) الإسراء : 54
( فليضحكوا قليلا ً وليبكوا كثيرا ً بما كانوا يكسبون ) التوبة : 82
( فأتى الله بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) النحل
والآن إلى حديث جديد عن الملوثات والفساد في الأرض ، والتلوث الذي نتحدث عنه اليوم تلوثا ً في البيئة ، لا في الماء ولا في الهواء ولا في الغابات . إنه تلوث من نوع جديد . إنه تلوث في النفس الإنسانية والقيم والوجدانية والأخلاقية ، وخنجر مسموم في شرف الإنسانية جمعاء .
إنه الإيدز : فما هو الإيدز ؟ وما هي أعراضه ؟ وما هو مصدر العدوى فيه ؟ وما إنذاره ؟ ومستقبله ؟ وما وجه الخطر فيه ؟
الإيدز AIDS : هو داء فقدان المناعة المكتسب . يصيب الجنسين من بني البشر وقاتل 100% من الحالات . وسببه فيروس متقلّب غريب الأطوار [Hiv] فيروس لم يُعرف على وجه الدقة من أين أتى ، وكثرت الأقاويل حول مصدره . البعض قال إنه فيروس متطور مركب قصدا ً في سياق الحرب البيولوجية ( الجرثومية ) ثم أفلت من الزمام وانتشر وتكاثر ، وانتشر لظاه في كل مِصْر ٍٍ من أمصار الأرض ولم تستطع المخابر التي أنتجته السيطرة عليه من جديد وإعادته إلى الحظيره التي انطلق منها .
والبعض قال إنه فيروس تحدّر من من فيروسات أخرى بشكل طفرة وراثية سببها التلوث الإشعاعي والكيماوي الذي أصاب المعمورة .
أما البعض الآخر فأكد أن الفيروس موجود أصلا ً في بعض أنواع القرود الإفريقية وهو غير ممرض ولا مميت لها وانتقل للبشر بطريقة أو بأخرى ( قد يكون بسبب كثرة استخدام القرود كحيونات تجربة ) وقد تكون أسباب أخرى ، وعندما دخل دماء البشر استعرت لظاه ووجد البيئة المناسبة فتكاثر وتجبر ودملر .
إذا ً هذه هي المصادر المحتملة لأصل الفيروس .
أعراض المرض :
الإيدز فيروس مخاتل ... وقاتل خفي ّ ... ولص ّ ... يعرف من أين تؤكل الكنف .
فبعد دخول البدن من الطرق التي سأتحدث عنها في الفقرة اللاحقة يجمع قواه ويتكاثر ببطء شديد وقد تمتد الحضانة 3-7 سنوات . وبعد أن يصبح عدده كافيا ً للغزو والتدمير تبدأ الأعراض بالظهور . فهو يستولي مباشرة على أقراص السيلكون ومخابىء الذاكرة والشيفرة المناعية ، إنها الخلايا اللمفاوية T ، وهي تقع في غدة التيموس في العنق وخلايا الجهاز الشبكي البطاني والعقد اللمفاوية في الجسم .
ويقوم الفيروس ويقوم الفيروس بإتلاف هذه الخلايا كليّة ،وبما أن هذه الخلايا هي المؤولة عن المناعة ضد الجراثيم والفيروسات والفطور والطفيليات وهي التي تصنع لها كمائن جوالة في الدم وتُصنع حسب الطلب وعند الضرورة . فما يكاد العامل الممرض يدخل الجسم حتى تقتنصه تلك الخلايا ، وبتحليل المعلومات في مركز الذاكرة المناعية ، تأمر مباشرة بإطلاق الكمين الجوال المناسب وبكميات كبيرة كافية لشلّه وإسكاته .
فلا يشعر الإنسان بشيء من تلك الأحداث لا بالعامل الممرض ولا بإتلافه .
( إن ربك بالناس لرؤوف رحيم ) ،