شرح المناجاة الشعبانية للامام امير المؤمنين عليه السلام – الحلقة الحادية عشرة ( 11 )
بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لل ه رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه اجمعين محمد الرسول الامين واله المنتجبين الطاهرين لاسيما بقية الله في ارضه وحجته على عباده الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين - اللهم وفقنا وسائر العاملين والمشتغلين للعلم والعمل الصالحين يارب العالمين .
اما بعد :-
هذه سلسلة شرح (المناجاة الشعبانية للامام امير المؤمنين عليه السلام) -
ملاحظة : ان العبارات التي بين الاقواس هي نصوص المناجاة الشريفة :-
12- الفقرة الثانية عشرة: (( وقد جرت مقاديرك علي )) :-
توضيحا لهذه العبارة العميقة هناك اية شريفة في القران الكريم وهي كافية في بيان معناها العظيم . قال تعالى : " مااصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبراها ان ذلك على الله يسير * لكيلا تاسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بما اتاكم والله لايحب كل مختال فخور " – ولتوضيح المعنى اكثر نقرا قوله تعالى : " وماتشاءون الا ان يشاء الله رب العالمين " – والمقدار : هو القدر والتقدير ويعني : - قياس الشئ وجعله على مقدار وصنع كل شئ بحد معين . والمراد منه التقدير الالهي وهو : ان الله سبحانه جعل لكل حادث مقدارا وحدودا كمية وكيفية وزمانية ومكانية معينة في تحققه بفعل العلل والعوامل . ويتعرض التقدير للتغير بتغير بعض الاسباب والشروط . وهذه الاسباب والشروط مستندة الى الارادة الالهية . ان الاعتقاد بالقدر الالهي يعتبر مرحلة رفيعة من معرفة الله تبارك وتعالى وكذلك له اثار ومعطيات كثيرة منها :-
1- ان من يؤمن بان حدوث الحوادث هو خاضع لارادته سبحانه الحكيمة ومستند الى التقدير والقضاء الالهيين فانه لايخشى الاحداث المؤلمة . فيتوصل بذلك الى تحصيل الصبر والتوكل والرضا لما قسمه الله تعالى له والتسليم وغيرها
2- لاتشده ولاتخدعه ملذات الحياة وافراحها .
وهذا كله معناه التسليم المطلق لارادة الله تبارك وتعالى وقدره وقضائه .
13- الفقرة الثالثة عشرة: (( ياسيدي فيما يكون مني الى اخر عمري من سريرتي وعلانيتي )) :-
وهذه اشارة الى مدى الحوادث والمقادير الالهية التي ترافق الانسان من ولادته الى اخر ايام حياته . وقول الامام علي عليه السلام هذا احتمل فيه ثلاث اطروحات محتملة هي :-
1- سبق وان قلنا بان للمقادير والاحداث اسباب طبقا لقوله تعالى : " لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم " – فتارة يكون التغيير على المستوى الباطني الداخلي للانسان وتارة على مستوى فعله الواقعي الخارجي الظاهر للعيان . ولكلا التقديرين اثر ورد فعل اما دنيوي واما اخروي .
2- ان الامام علي عليه السلام يقصد من ذلك باني مقر ومعترف لك ياالهي وربي بمقاديرك من سريرتي وقلبي وضميري ومن علانيتي باللسان والدعاء والطلب الى نهاية عمري .
3- ان الامام علي عليه السلام بتعبير اخر يريد ان يقول : " ياالهي اسمع منطقي وقولي واقض حاجتي وحقق املي في حسن العاقبة مع ان الاحداث التي مرت علي وتقاديرك قد حصلت علي بفعل سريرتي وعلانيتي ولكن الذي ارجوه منك تباركت وتعاليت ان تعفو عن ذلك وتستجيب دعائي " –
وحاشا الامام علي عليه السلام ان تكون سريرته غير مقبولة عند الله تبارك وتعالى وكذلك علانيته . ولكنه عليه السلام يريد من خلال ذلك :-
1- ان يناجي ربه بكلمات التذلل والخشوع والخنوع المعبرة عن العبودية الحقيقية لا الصورية والتي يشعر صاحبها بالعزة والشرف واللذة .
2- ومن النقطة الاولى يريد عليه السلام ان يطيل الكلام مع خالقه جل وعلا .
3- يريد عليه السلام ان يربي المسلمين عموما وشيعته خصوصا على هذا النوع من العبادة والاستكانة والتقصير امام الله سبحانه وتعالى .
باقي الحلقات تاتي ان دامت الحياة والحمد لله رب العالمين
الشيخ
جواد الخفاجي