[b]فوائد الدين الإسلامي وآثاره
1- الإيمان بالدين يمثل أكرم صلة بين الإنسان وخالقه . ذلك أن اشرف مافي الكون هو الإنسان واشرف مافي الإنسان قليه واشرف مافي القلب الإيمان . ومن ثم كانت الهداية إلى الإيمان اجل نعمة وأفضل آلاء الله على الإطلاق .
2- حب الله ورسوله(صلى الله عليه واله وسلم)وأهل البيت(عليهم السلام) أكثر من حبه لأهله وأولاده وأمواله بل أكثر من كل شئ في الوجود فيدعوه ذلك إلى طاعتهم لان الحب لايكون إلا بالطاعة .
3- التعلق بالدين والأنس به فبعد أن جاء إلى النور لايمكن أن يعود إلى الظلمات .
4- العمل الصالح الذي تزكى به النفس ويطهر به القلب وتقر به الحياة .
5- تقوية قوة الإرادة لدى الإنسان وبها يواجه النفس وغرائزها .
6- يبث في النفس روح الشجاعة والشهامة والصمود لان يعلم بثواب الشهادة ويعلم أن مابعد الموت فيه الخير الكثير له .
7- سلامة الجسم وصحته من الأمراض لان تعاليم الدين الإسلامي تدعوه إلى مافيه صحته ووقايته من الأمراض . روي في كتاب العدل أساس الملك للشيرازي انه : كان في سابق الزمان عالم زاهد منقطع إلى الله وقد أعطاه الله سبحانه روحا قوية . وكان يتمكن من إحضار الأموات لا بأرواحهم بحسب بل حتى بأجسامهم المكتسبة . وكان قادرا على أن يرى الناس أولئك الأموات . وذات مرة ذهب احد الرؤساء عنده وطلب منه أن يحضر أباه وكان أبوه رجلا شقيا ظلم الناس كثيرا وبدل دينهم وافسد في ارض . قال العالم : انك لاتقدر على أن ترى أباك لما فيه من العذاب . لكن الرجل أصر على العالم . وبعد إلحاح شديد قبل العالم إحضاره فاحضره . ينقل الرئيس : وإذا به يفاجئ بإنسان اسود الوجه كالح تتطاير النار من جميع جسده وهو مغلول يسحبه اثنان عن يمينه وشماله مما أثار في الولد اكبر قدر من الرعب وسمعه يقول : إن مخالفة الإسلام هي التي أوردتني في هذا المورد . فأغمي على الولد من جراء المنظر المهيب الذي رآه . ثم أمر العالم بعلاج الولد حتى رجع إليه الوعي . لكنه اخذ يرتجف كالسعفة حتى هدئت حالته ورجع إلى ماكان عليه من الاستقرار .
شبهة وجواب :-
إن التطور الاجتماعي يستلزم تطورا في قوانين الاجتماع والقانون الموضوع في ظرف خاص ربما يكون مضرا أو غير مفيد أصلا في ظرف آخر ومقتضيات الزمان ( القوانين ) تختلف باختلاف المجتمعات وألوان الحياة فما صح الأمس لايصح اليوم وما يصح اليوم لايصح غدا ؟ -
الجواب :-
هذه الشبهة تأتي بعبارة أخرى عند بعضهم وهي ادعاء النقص في التشريع الإسلامي كقولهم في كتاب مفاهيم القران للشيخ جعفر السبحاني ج 3 ص 260 : (( كلما تكاملت نواحي الحضارة وتشابكت وتعددت ألوانها واجه المجتمع أوضاعا وأحداثا جديدة وطرحت عليه مشاكل طارئة لاعهد للأزمنة السابقة بها إذ لم تتعرض تشريعاتها لأي هذه الأوضاع والأحداث والمشاكل بحكم من الأحكام إذن فحاجة المجتمع إلى قوانين وتشريعات جديدة لاتزال تتزايد كل يوم تبعا لذلك )) . أي إنهم يريدون أن يقولوا بان الإسلام وقوانينه لاتواكب التطور الحضاري وتلائمه لعدم تشريعها . وجوابنا على ذلك باختصار هو انه لانجد بين الشرائع الإسلامية شريعة قد خلت في جميع شؤون الناس كالإسلام وبين كافة مايهم المجتمع من حقوق ووظائف فردية واجتماعية ووضع الخطوط العريضة لكل قضايا
الإنسانية في هذه الحياة . وقد اعترف بهذه الحقيقة كثير من المفكرين والكتاب غير المسلمين الذين كتبوا عن الإسلام . ووصفوا قوانين الإسلام بأنها أرقى القوانين التي تعالج قضايا الناس أو الإنسان . وذلك حيث أنها تمتلك مادة حيوية ومرونة تخولها أن تعيش خالدة لكل الظروف أو مايسمى بالشريعة ( الثوابت والمتغيرات في الشريعة الإسلامية ) . ومن ذلك ماقاله :-
1- المفكر الانكليزي ( برنارد شو ) : ( أنا احترم دين محمد لأنه دين حر ولأنه الدين الوحيد الذي يقبل الانطباق مع الصور المختلفة في الحياة ) . وأضاف يقول : ( وأنا اتنبا بان دين الإسلام سوف تعتنقه أوروبا ) .
2- الدكتور شبلي شميل : وهو الكاتب المادي المعروف في مقال تحت عنوان ( القران والأعمار ) نشره في ج 2 من كتاب ( فلسفة النشوء والارتقاء ) الذي قرر فيه نظرية ( دارون ) مع شرح ( بخنر) الألماني لها . ورد فيه على بعض الغربيين الذين زعموا أن الإسلام هو سبب تأخر المسلمين قال : ( إن انحراف المسلمين عن تعاليم دينهم هو سبب انحطاطهم وان الذين يزعمون بان الإسلام هو المسؤول عن تأخر المسلمين وانحطاطهم إما جاهلون بحقيقة الإسلام أو إنهم يريدون بهذا أن يمهدوا الطريق لاستعمار الغرب للشرق الإسلامي ) .
إن خلود التشريع وبقاءه في جميع الأجيال ومسايرته للحضارات الإنسانية واستغناءه عن كل تشريع سواه يتوقف على وجود أمرين فيه هما :-
1- أن يكون التشريع ذا مادة حيوية خلاقة للتفاصيل . بحيث يقدر معها علماء الأمة والأخصائيون منهم على استنباط كل حكم يحتاج إليه المجتمع البشري في كل عصر من الاعصار .
2- أن ينظر إلى الكون والاجتماع بسعة وانطلاق مع مرونة خاصة تماشي جميع الأزمنة والأجيال وتساير الحضارات الإنسانية المتعاقبة . وقد أحرز التشريع الإسلامي كلا الأمرين . فقد أحرز الأمر الأول بتنفيذ :-
1- الاعتراف بحجية العقل في مجالات خاصة : روي في الكافي ج 1 ص 13-17 : قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام) لتلميذه هشام : إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه ( في سورة الزمر/17-18 : (( فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب )) ياهشام : إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ونصر النبيين بالبيان ودلهم على ربوبيته بالأدلة فقال ( في سورة البقرة/164 : (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون )) . وقال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) : (( حجة الله على العباد النبي والحجة في مابين العباد وبين الله العقل )) .
2- إن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد .
3- التشريع الإسلامي ذو مادة حيوية .
4- تشريع الاجتهاد .
5- حقوق الحاكم الإسلامي .
أما إحراز الأمر الثاني وهو مرونة أحكامه وهي تتمثل في :-
1- الإسلام دين جامع والأمة الإسلامية امة وسط .
2- النظر إلى المعاني لا المظاهر .
3- الأحكام لها دور التمديد .
وهذه النقاط تحتاج إلى شرح طويل لامجال له في هذا الكتاب المختصر . لكن إذا أراد القارئ الكريم أن يقف عندها بالتفصيل عليه أن يراجع كتاب مفاهيم القران ج 3 للشيخ جعفر السبحاني . ولكننا نحاول أن نوضح قدر الإمكان مابيناه سلفا بطريقة أخرى حتى لايتشتت ذهن القارئ الكريم وذلك بالقول : -
إن الشريعة هي مجموعة الأحكام الثابتة لاتتغير . وقد ورد في الحديث النبوي الشريف (( حلال
محمد(صلى الله عليه واله وسلم)حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد(صلى الله عليه واله وسلم)حرام إلى
يوم القيامة )) . والحياة متحركة متطورة ولابد لكل حالة متطورة حكم في دين الله تعالى . فلا يمكن أن حالة جديدة في سياق التطور الاجتماعي ليس لها حكم . فمثلا : الاتصالات طريقها ومنهجها وحركة النقل تعرضت لتغيرات سريعة وفي الحروب الأسلحة تطورت ومن قبل لم تكن الكهرباء والهاتف وشيكات البنوك والمصارف والقضاء والبث الإذاعي والتلفزيوني والكومبيوترات والانترنت وبيع الدم والكلى . فالفقه الإسلامي يعالج الثابت والمتغير معا فلا يلغي المتغيرات فكل شئ له موقعه . والرابط بين الثابت والمتغير هو الاجتهاد . فهناك قواعد شرعية وعقلية يتمكن المجتهد فيها في المتغير منها :-
1- علم أصول الفقه : -
ولابد في هذا المعنى من الإشارة إلى ماقاله السيد الأستاذ الشهيد السعيد محمد باقر الصدر ( قده )في كتابه دروس في علم الأصول – الحلقة الثانية ج 1 ص 179 في موضوع شمول الحكم الشرعي لجميع وقائع الحياة قال : (( ولما كان الله تعالى عالما بجميع المصالح والمفاسد التي ترتبط بحياة الإنسان في مختلف مجالاته الحياتية فمن اللطف اللائق برحمته أن يشرع للإنسان التشريع الأفضل وفقا لتلك المصالح والمفاسد في شتى جوانب الحياة وقد أكدت ذلك نصوص كثيرة وردت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وخلاصتها إن الواقعة لاتخلو من حكم . )) .
2- القواعد الفقهية :-
فمثلا: لنفترض إن امرأة في حالة الغرق ويحرم لمس جسدها فهنا نواجه حكمين الأول إنقاذ الغريق والثاني حرمة لمس المرأة ولا محالة في أن تقدم احدهما على الآخر فهناك تقديم الأهم على المهم وهو إنقاذ الحياة . فالقواعد الفقهية لاتتجاوز المائة قاعدة ولكل قاعدة تطبيقات واسعة في الشريعة المقدسة وهي تمكن الفقيه المجتهد من تطبيق ثوابت الشريعة على تغييرات الظروف بشكل مريح .
وهذا الأمر صرح به الأئمة (عليهم السلام) منذ مئات السنين . منها مارواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : (( إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا )) . وماروي عن كتاب احمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) قال : (( علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع )) راجع كتاب وسائل الشيعة ج 18 ص 41 – 42 . [/b]